ريادة أعمال

الحظ مقابل الجدارة في إدارة المنتجات

d8a7d984d8add8b8 d985d982d8a7d8a8d984 d8a7d984d8acd8afd8a7d8b1d8a9 d981d98a d8a5d8afd8a7d8b1d8a9 d8a7d984d985d986d8aad8acd8a7d8aa 64247afa8df96 الحظ مقابل الجدارة في إدارة المنتجات

هل كان نجاح منتج معين مجرد ضربة حظ أم أنه مبني على الجدارة؟ إنه السؤال الذي يستطيع أن يؤرق حتى أكثر مديري المنتجات عقلانيةً، ولكن ما الذي ينبغي عليك التركيز عليه عندما يكون الفوز على المحك؟

اقتباس

هل سبق لك ولاحظت لمن تقع الحوادث؟ الصدفة تفضل العقول الجاهزة. Luis Pasteur.

يحلم أغلب مديري المنتجات في المساعدة على إنشاء منتج يحل مشكلًا قيّما يلمس عددًا كبيرًا من المستخدمين، لدرجة أنهم وضعوا مجال صناعة مستقل من الكتب والملتقيات العلمية والمدربين للمساعدة على تعلم أسرار المهنة وزيادة فرص نجاح المنتج، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما فائدة كل ذلك إذا تبين أن نجاح منتج معين ما هو إلا ضربة حظ؟ يمكن لمثل هذه الحقيقة أن تدفع بمديري المنتجات إلى الدخول في أزمة وجودية.

يتفاجأ الكثيرون حين يعلمون أن دور الحظ القابل للتكميم والنجاح قد يكونان مرتبطين ببعضهما البعض أكثر مما يتوقعون. وإذا كان ذلك صحيحًا، فإن ما نتعلمه من هذا لا يقتصر تطبيقه على المنتج فحسب، ولكن على كل المستويات الاجتماعية.

إقرأ أيضا:كيفية التجهيز لمشروعك التجاري الريادي وتأسيسه واطلاقه

نستكشف من خلال هذا المقال تكميم الحظ وارتباطه مع النجاح، والطرق الأفضل لإدماج الحظ في التفكير الاستراتيجي.

متى يمكننا أن نطلق على أمر ما تسمية “ضربة حظ” أو “مهارة”؟

من أجل الإجابة على هذا السؤال، نبدأ بمحاولة التعرف على ما نعنيه بضربة الحظ، إذ يقدم مدير الأعمال Jim Collins تعريفًا لضربة الحظ يمكن أن يلخص هذا المفهوم جيدًا، وذلك كما يلي:

*ضربة الحظ هي أمر يكون غالبًا خارجًا عن إرادتنا.

  • هذا الأمر غير قابل للتنبؤ.
  • ينبغي أن يكون تأثير هذا الأمر كبيرًا سواءً كان هذا التأثير إيجابيًا أو سلبيًا.

لمحاولة فهم كيف يمكن تطبيق هذا التعريف على حدث ما، وعكس ما يحدث عندما يتعلق الأمر بمهارة ما، فلنأخذ مثال قصة متسلقَي الجبال دونيني Donini ودالي Daly:

في سنة 1999، كان دونيني و دالي يستلقان جبلًا. ومع اقترابهما من القمة، أخرج دالي فأسه الخاص بالجليد وبدأ بتسلق جدارًا يكاد يكون عموديًا، وفي منتصف طريقه خلال هذا الجدار فقد حذاءه وسقطت براغي الجليد الموجودة عليه ليسقط من علوه ويكسر ساقه، ويبقى معلقًا بحبلين اثنين فاقدًا للتوازن. كان زميله في التسلق دونيني إلى جانبه وأنزله من الحبلين ووضعه داخل كيس نوم وعلق جسمه بجانب جدار ليحميه، ولم ير دونيني أي حل آخر غير النزول من الجبل والبحث عن مساعدة، وفي هذه اللحظة بالذات ظهرت طائرة إنقاذ مروحية وشاهدتهما في تلك الوضعية ونقلتهما من المكان تمامًا قبل أن تبدأ العاصفة بالظهور؛ أما الشخص الذي كان يقود الطائرة المروحية، فقد تبين صدفةً أنه كان صديقًا مقربًا من المتسلقَين الاثنين.

إقرأ أيضا:سبعة أشخاص يجب أن يكونوا في فريق شركتك الناشئة

السؤال المطروح هنا هو: ما مقدار مساهمة الحظ في خروج هذين المتسلقين من تلك الوضعية الحرجة؟ وما مقدار مساهمة المهارة؟ للولهة الأولى، يظهر لنا أن الحظ أدى دورًا كبيرًا في الكثير من هذه الأحداث، ولكن إذا نظرنا أعمق إلى كل التدريب والتمارين التي مر بها هذين المتسلقين لتحضير جسميهما لمثل هذه الرحلة، وكل الأدبيات التي قرأوها وعمليات التخطيط واختيار شريك التسلق المناسب، فالكثير من ذلك قد ساعدهما ماديًا وذهنيًا ونفسيًا للتحضير لمثل هذا الحادث، فالخوف من الفشل دفعهما بالتأكيد إلى دراسة ما يجب فعله في حالة وقوع حادث.

أكبر ضربة حظ في القصة قد تتجلى في ذلك الصديق الذي ظهر في الطائرة المروحية، ولكن حتى بالنسبة لهذا يمكن أن نقترح أن صداقتهم زادت من احتمالية وجوده هناك في المكان والوقت المناسبين. لقد كان هذين المتسلقين محظوظين بالتأكيد، ولكنهما استفادا من هذا الحظ بفضل المهارة والتدريب وخوفهم المثمر، والتي استخدموها خلال تحضيراتهم. بعبارة أخرى، مصائرهم لم تترك للحظ.

تكميم ارتباط الحظ بالنجاح

التوزيع الطبيعي للموهبة على العينة

تُعد الدراسة العلمية المنشورة سنة 2018 بعنوان “الموهبة مقابل الحظ: دور العشوائية في النجاح والفشل”، واحدةً من الأمثلة الأكاديمية القليلة التي تحاول نمذجة علاقة الحظ والمهارة مع النجاح المالي عند عموم السكان (تطلق الدراسة على الأفراد مصطلح الأعوان).

إقرأ أيضا:كيف رفعنا نسبة استجابة عملائنا لاستبيان المغادرة بنسبة 785%

توزيع رأس المال-النجاح على العينة

توزعت الموهبة ضمن هذه العينة المصورة توزيعًا طبيعيًا، إلا أن الحظ لم يكن كذلك. وعند إتمام المحاكاة، وجدت الدراسة أن 44% من ضربات الحظ تمركزت لدى 20% من الأعوان الأكثر نجاحًا، وهو توزيع غير متساوٍ على العينة ككل.

العدد الكلي للأحداث المحظوظة أو غير المحظوظة بدلالة رأس المال-نجاح الأعوان

من المثير للاهتمام ضمن نتائج هذه الدراسة أن الأعوان الأكثر نجاحًا كانوا متوسطي الموهبة، ونادرًا ما كان الأعوان الأكبر موهبةً ضمن الأكثر نجاحًا، وذلك رغم أنهم كانوا أفضل في استغلال عامل الحظ، وهنا يبدوا أنه حتى المواهب العظيمة تصبح عديمة الفائدة أمام سوء الحظ.

الجدير بالذكر هنا، أن مثل هذه النماذج الظاهرة في الدراسة تميل إلى المبالغة في التبسيط، فلا تأخذ في الحسبان كل التعقيدات الموجودة في العالم الحقيقي مثل الامتيازات والمحسوبية، ولكن إذا كان الحظ مهمًا، فهل من الحكيم استثمار الوقت في بناء استراتيجية لزيادة الحظ من منظور المنتج ومن منظور شخصي؟ إذا كان الحظ قابلًا للتكميم، فربما يمكن نسخ وإعادة إنتاج النجاح.

تستخلص الدراسة المذكورة أننا لكي نزيد من فرص الأحداث المحظوظة في حياتنا، ينبغي أن نتجاوز انحيازاتنا الشخصية ونجد طريقةً للاستثمار في مجموعة متنوعة من الأفكار والأشخاص، تمامًا كما يقول انطوان إيغو Anton Ego: “لا يمكن أن يصبح الجميع فنانين عظماء، ولكن يمكن أن يأتي فنان عظيم من أي مكان”.

هل كان بيل غيتس سينجح مهما اختلفت الظروف؟

في النموذج المستخدم في الدراسة المذكورة سابقًا، تفترض كل ضربة حظ يختبرها عون ما، أمرين اثنين:

  1. كان العون قادرًا على إدراك أن ضربة حظ قد وقعت.
  2. كان العون دائمًا مستعدًا لاستغلال ضربة الحظ.

يتلاءم هذا تمامًا مع المفهوم الذي وصفه جيم كولينز Jim Collins بـ”العائد على الحظ”.

يفترض العائد على الحظ أن المحيط لا يحدد إمكانية نجاحك. وبدلًا عن ذلك، فإن الفرد يحدد إمكانية نجاحه. للاستفادة من كل من الحظ الجيد والسيء، تحتاج إلى مزيج من الإبداع والتفكير الاستراتيجي والشك المثمر والالتزام. إحدى الأمثلة التي يستخدمها جيم كولينز هي دراسة حالة بيل غيتس.

السؤال المطروح هو: هل كان بيل غيتس سينجح بغض النظر عن مكان وزمن ولادته؟ للوهلة الأولى يبدوا لنا أن بيل غيتس محظوظ جدًا، فقد ولد في الزمن الملائم في التاريخ، في البلد المناسب، ولوالدين من الطبقة المتوسطة العليا، وتعرف على أجهزة الحاسوب خلال زمن مبكر من حياته، كما أنه درس الرياضيات والبرمجة، ودخل إلى جامعة هارفارد، وامتلك شبكةً ملائمةً من الأصدقاء، وصادف أنه كان يقرأ مجلة الحاسوب الملائمة في الوقت المناسب، ثم أطلق شركةً ناجحةً.

مقارنةً بالعديد منا، فنحن لم نمتلك العديد من هذه الامتيازات الخاصة خلال نشأتنا، ولكن الفكرة هنا هي أن بيل غيتس لم يكن الشخص الوحيد الذي حاز على كل هذه الأحداث المحظوظة، فلماذا إذًا لم نر المزيد من الأشخاص يستغلون نفس الفرص التي استغلها هو وشريكه المؤسس بول ألين Paul Allen؟

يمكن تفسير الفرق في قدرة بيل غيتس على التعرف على ضربات الحظ القادرة على تغيير الحياة، وكونه مستعدًا لفعل أشياء دراماتيكية، مثل ترك الجامعة ورمي ثقله كليًا لاستغلال الفرصة. بعبارة أخرى، لقد فعّل حظه أكثر. ولكن يوجد أمر آخر لا يلاحظه الكثيرون، فلو لم يطور بيل غيتس المهارات والبصيرة التي امتلكها في الوقت المناسب، فلن يكون على الأرجح مستعدًا لاستغلال هذه الأحداث المحظوظة على الإطلاق.

إنه لأمر مثير للاهتمام حقًا، إذ يبدوا أن المهارة والحظ يرتبطان قليلًا بتحديد النجاح، ولكن قدرتنا على التعرف على ضربات الحظ واستغلالها ترتبط أكثر بنجاحنا، فإذا كنت حاليًا لا تعمل على استغلال ضربة حظ ما، فربما ينبغي أن يكون هدفنا هو تحضير خبرتنا ومعرفتنا لضربة الحظ الموالية.

الحظ ليس استراتيجية لكن العائد على الحظ استراتيجية

إذا كان الحظ ليس استراتيجية، فما الذي يمكن أن نعده كذلك؟ سواءً تعلق الأمر بالحظ الجيد أو السيء، فإننا بحاجة إلى إدارة احتمالات الحظ من خلال خطة، وتمثل المبادئ التالية نقطة بداية جيدة في هذا الخصوص:

  1. انظر إلى الوضعية عن بعد لتستطيع التعرف على ضربة الحظ.
  2. اعرف متى ينبغي أن تدع الحظ يؤثر على خططك.
  3. استعد لتكون مرنًا أثناء أحداث الحظ السيئة.
  4. حاول تحقيق عائد إيجابي، وذلك بغض النظر عن الحظ الجيد أو السيء.
اقتباس

في مكان ما بين المهارة والحظ والفرصة توجد مساحة تحديد النجاح.

يمكن أن ترفع الخبرة والمعرفة من حظوظ التعرف على الوضعيات التي نكون فيها قريبين من ضربة حظ، ولكننا نحتاج أيضًا للاستعداد للتعرف على هذه الفرص واستغلالها، فإذا كنت ذا كفاءة في تنظير التوجهات الحالية وماهرًا في التعرف على المشاكل القيّمة؛ فلديك فعلًا بداية جيدة.

إحصائيًا، وبسبب الدور الذي يمكن أن يلعبه الحظ في النجاح، من الأفضل مراجعة الانحيازات الشخصية والسعي لتوزيع الموارد بعشوائية أكبر مما خططت له في البداية.

ورغم التعليم الجيد وأخلاقيات العمل القوية التي يمتلكونها، فإن العديد من الأشخاص قد لا يتحصلون أبدًا على ضربات الحظ التي يحتاجونها للنجاح، وقد يرجع ذلك إلى مجموعة واسعة من العوائق، مثل الموقع الجغرافي والوضعية الاجتماعية والاقتصادية، والأحكام المسبقة، والعرق؛ وعمومًا، أي نوع من أنواع الامتيازات، وإذا أردنا حقًا أن تكون عدم المساواة في الحياة مبنيةً على المهارة والجهد، فنحن بحاجة إلى عدم محاسبة الأشخاص على الظروف الجيدة أو السيئة التي ولدوا فيها، فإذا كنت في وضعية تستثمر فيها في الأشخاص، فعليك أن تأخذ في الحسبان أنه إحصائيًا هناك ثروة من الفرص غير المستغلة لدى عامة الناس، لذا حاول التقليل من عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية التي تحدّ من فرص ضربات الحظ، وعندها ستنجح بالتأكيد.

وإذا أردنا مثالًا متعلقًا أكثر بإدارة المنتجات، فقد يكون مغريًا أن تضع كل جهدك في مشكل واحد، إلا أنك تستطيع بدل ذلك تجربة عدة أفكار من خلال تجارب صغيرة، وهو ما يزيد من احتمالية أن تصادفك ضربة حظ، بالتالي يمكنك حينها أن ترمي كل وزنك على هذه الفرصة.

لا تقلق إذًا حول تحديد الحظ لنجاحك في الحياة، بل تعلم بدلًا من ذلك أن تتقبل الفوضى التي يخلقها الحظ وحضر نفسك لليوم الذي ستجد فيه ضربة حظ لصالحك.

اقتباس

الاجتهاد هو والد الحظ الجيد- Benjamin Franklin

ترجمة -وبتصرّف- للمقال Chance Favors the Prepared Mind: Luck vs Merit in Product Management.

اقرأ أيضًا

مصمم مواقع ومسوق الكتروني اعمل من 2010 في مجال التصميم والتسويق الالكتروني ، متخصص في تصميم المواقع وتسويق وسائل التواصل الاجتماعي وتحسين محركات البحث (SEO). أعمل على إيجاد حلول إبداعية وفعالة لتحقيق أهداف العملاء. لدي خبرة واسعة في تصميم وتطوير المواقع وتحسينها لتعزيز تجربة المستخدم وجذب المزيد من الزوار. بالإضافة إلى ذلك، أقدم خدمات تسويقية عبر وسائل التواصل الاجتماعي لزيادة الوعي بالعلامة التجارية وزيادة التفاعل والمبيعات. أعمل أيضًا على تحسين مركز الموقع في نتائج محركات البحث الرئيسية من خلال استراتيجيات SEO المبتكرة.

السابق
استخدام إطار العمل بيست PEST لتقييم احتياجات الموارد
التالي
استيعاب البيئة القانونية والضريبية في الولايات المتحدة الأمريكية